مصر تحتفل بكنوزها.. ماذا يعني افتتاح طريق الكباش؟ (صور)
مصر تحتفل بكنوزها.. ماذا يعني افتتاح طريق الكباش؟ (صور)
في يوم تاريخي لم تشهده مصر والعالم منذ نحو ثلاثة آلاف عام على الأرجح، افتتحت مصر – مساء الخميس- طريق الكباش في الأقصر، أقدم طريق جنائزى فى العالم بعد تطويره، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي ومشاركة العديد من الشخصيات الدولية وسفراء أكثر من 35 دولة من حول العالم وممثلي أكثر من 200 قناة ووسيلة إعلامية محلية ودولية. فماذا يمثل هذا الطريق؟
بدأت وقائع حفل افتتاح طريق الكباش مع غروب شمس الخميس، بإنارة بانورامية تدريجية لمعبد الأقصر وطريق الكباش الذي يمتد على طول 2700 كيلومتر، لتنطلق بعدها أضواء الليزر تعانق السماء.
وفي النيل، كانت هناك 3 ذهبيات عائمة صُممت على الطراز الفرعوني، وترمز لثالوث المعبودات الفرعونية: آمون وموت وخنسو، لتنطلق مراكب شراعية ملونة بألوان هوية الأقصر البصرية، إضافة إلى انطلاق عدد من المناطيد في سماء الأقصر احتفالًا بالحدث الأثري المهم.
من داخل معبد الأقصر، بدأت الاحتفالية الرسمية بخروج 3 محفات ترمز للثالوث المقدس، يحملها شباب بملابس فرعونية ويتقدمهم حاملو البيارق، ليخرجوا من قدس الأقداس عبر الصرح الأول للمعبد، وصولًا لتماثيل أبوالهول، إذ بداية طريق الكباش.
مع بداية الموكب عزفت الأوركسترا الفيلهارموني الموسيقى الفرعونية بقيادة المايسترو نادر عباسي، ثم أنشودة آمون التي يعاد إحياؤها بنفس الكلمات الفرعونية.
وتم تجهيز عدد من عربات الخيول “الحناطير” التي تتميز بها مدينة الأقصر بإضاءة جوانبها، لتشارك بإعادة تجسيد أغنية فرقة رضا الشهيرة “الأقصر بلدنا بلد سواح”.
خلال الحفل، يجري تنفيذ محاكاة عبر موكب يضم 400 شاب وفتاة يرتدون زي الاحتفالات عند المصريين القدماء ويسيرون على موسيقى تصويرية مستوحاة من الأناشيد الفرعونية.
وتضمن الحفل إقامة معرض للصور النادرة من القرن 19 في أماكن محددة على طريق المواكب، تروي تاريخ معابد الكرنك والأقصر وطريق المواكب الذي يربط بين المعابد وأهم الاكتشافات الأثرية وصور ومناظر للأعياد والاحتفالات التي كانت تقام في العصور القديمة.
إضافة إلى ما صاحب تلك الاحتفالات من مظاهر البهجة من الموسيقى والرقص والغناء والاحتفالات العسكرية وذبح الأضاحي وتقديم العطور والهدايا.
وتناولت الفقرة الرئيسية للحفل؛ محاكاة لطقوس “عيد الأوبت” أحد أهم الأعياد الدينية والشعبية في مصر القديمة، والذي كان يُقام في توقيت يقارب شهر نوفمبر خلال موسم الحصاد.
حضور إعلامي
ونقلت الحدث نحو 150 محطة تلفزيونية بجانب نحو 200 من مراسلي وسائل الإعلام العالمية المعتمدين في مصر لأكثر من مليار مشاهد وقائع الحفل التاريخي وإعلان الأقصر أكبر متحف مفتوح على وجه الأرض.
احتفالات تاريخية
يعود طريق الاحتفالات إلى قبل أكثر من 5 آلاف عام، عندما شق ملوك مصر الفرعونية في طيبة “الأقصر حاليا” طريق الكباش لتسير فيه مواكبهم المقدسة خلال احتفالات أعياد الأوبت كل عام، وكان الملك يتقدّم الموكب ويتبعه علية القوم، كالوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، إضافة إلى الزوارق المقدسة المحملة بتماثيل رموز المعتقدات الدينية الفرعونية، فيما يصطف أبناء الشعب على جانبى الطريق، يرقصون ويهللون فى بهجة وسعادة.
وبادر إلى شق هذا الطريق الملك أمنحوتب الثالث، تزامنا مع انطلاق تشييد معبد الأقصر، لكن الفضل الأكبر فى إنجاز “طريق الكباش” يعود إلى الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية «آخر أسر عصر الفراعنة».
يربط طريق الكباش بين أهم المعالم الأثرية في الأقصر ونحتت تماثيله من الحجر الرملي ويمتد الطريق من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر بطول 2700 متر.
وبدأ مشروع تطوير طريق الكباش في 2007 وتوقف في 2011، ثم استؤنف العمل في 2017 حتى العام الجاري.
ويعرف طريق الكباش بأنه طريق مواكب الآلهة ويعود لعصر الأسرة الثامنة عشرة من الدولة المصرية القديمة في عهد الملكة حتشبسوت للاحتفال بموسم الفيضان، فيما عرف بعيد الأوبت قبل أن يندثر الطريق تحت الأرض بمرور القرون وتعاقب الأزمنة.
ويتكون طريق الكباش من رصيف حجري في المنتصف بطول الطريق ويصطف على جانبيه قرابة 1300 تمثال تتخذ أشكال كبش كامل ورأس كبش على جسم أسد ورأس إنسان على جسم أسد.
ويرمز الكبش للإله آمون إله معبد الكرنك، أما التماثيل التي تتخذ شكل إنسان بجسم أسد فترمز للإله أبي الهول.
احتفالات قديمة
مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة الفرعونية المقدسة كانت تستمر فترة تتراوح بين 11 إلى 27 يوما وتتضمن مراسم شعبية ومراسم رسمية تتمثل في موكب مهيب ينطلق من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر بمشاركة الإله آمون والإله خونسو والإله موت.
وتوثق جدران معبد الأقصر مظاهر هذا الاحتفال بالتفصيل من حاملي المراكب المقدسة والعازفين والأضاحي التي كانت تذبح في هذه المناسبة.
أهميته السياحية
يهدف مشروع طريق الكباش إلى تحويل مدينة الأقصر إلى أكبر متحف عالمي مفتوح عبر ربط معبدي الأقصر والكرنك.
وحسب خبراء في القطاع السياحي، يسهم احتفال طريق الكباش في زيادة أعداد السياح الوافدين لزيارة المناطق الأثرية والثقافية بنسبة 30 في المئة من الأعداد المتوقع زيارتها للأقصر مطلع 2022.
وتعتبر السياحة من أهم مصادر الدخل التي تعتمد عليها مصر، وقد وصلت إيرادات مصر من السياحة في النصف الأول من العام الجاري نحو أربعة مليارات دولار، وقد استقبلت البلاد نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون سائح، بحسب مسؤولين.
وأقامت مصر في أبريل الماضي حفلا مهيبا نقلت فيه مومياوات 22 شخصية ملكية مصرية قديمة من المتحف المصري بميدان التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، شرقي القاهرة.
وتسلط مصر بهذا الحدث أنظار العالم إلى مدينة الأقصر “ذات المئة باب”، وذلك لاتساعها وتعدد أبواب معابدها والتي تقع في أقصى صعيد مصر على مسافة حوالي 670 كيلومترا إلى الجنوب من العاصمة القاهرة. ويرجع تأسيس المدينة، إلى عصر الأسرة الرابعة عام 2575 قبل الميلاد.
وتمتاز الأقصر بطابعها الأثري الفريد، وتضم المدينة أكبر قدر من الآثار الفرعونية المقسمة على البرّين الشرقي والغربي لنهر النيل.
ويضم البرّ الشرقي معبد الأقصر، ومعبد الكرنك، وطريق الكباش الرابط بينهما وغيرها من الآثار. أمّا البر الغربي فيضم وادي الملوك، ووادي الملكات، ومعبد الدير البحري، وغيرها.